الدكتور علي حمّود: إحتياطي الدولار وهم والأزمة إلى تصاعد إن لم نتداركها بذكاء

الكاتبة: إسراء أبوطعام

في ظل وضعية الإقفال التام التي يحياها البلد اليوم في معظم القطاعات، بسبب تفشي جائحة كورونا، والوضع الإقتصادي المتدهور الذي قاد لبنان إلى شفير الهاوية. تأتي المفاضلة هنا كموضوع للنقاش والبحث، إن كان قرار الإقفال صائباً، أمّ أنَّ إعادة فتح البلد سيكون الحل الأجدى لحماية مصالح اللبنانيين من الإنهيار. مع العلم أنَّ القطاع الإستشفائي فاق قدرته على الإستيعاب، وأعداد المصابين باتت صادمة. أما الوضع الإقتصادي، فهو في تدهور مستمر ولا أمل فيه، والإستمرار بالإقفال سيزيد الطين بلّة، كما حالة القطاع الإستشفائي إذا تمَّ فتح البلد، ففي الحالتين الخسارة موجودة.

في هذا السياق، أكدَّ الباحث في العلاقات الدوليّة والإقتصاديّة الدكتور علي حمّود أننا اليوم في مواجهة شرسة مع أزمةٍ مستفحلة والحكومة غائبة، مشيراً أننا من الممكن أن نصل إلى القاع البائس إن لم نتدارك الأمر على عجل. النتائج فاقت التوقعات، خاصة بعد أن تعدّت أعداد المصابين الأرقام المقبولة، و سجلت ١٥٠٠ مصاب في الطاقم الطبي فقط، من بينهم ٧ أطباء، ناهيك عن عجز المستشفيات عن استقبال المزيد من الحالات في ظل شُحّ الأسرّة والمستلزمات الطبيّة، بما فيها العناية المشددة.

وإستناداً لهذه المعطيات وربطها بالأزمة الإقتصاديّة والنقديّة التي يحياها البلد، رأى الدكتور
علي أنّ لبنان يعيش اليوم حالة الإنهيار الحرّ للإقتصاد Freefall Economy دون قعر محدد، مع إرتفاع مخيف في نسبة الفقر التي قد تتعدى الـ٥٥٪؜ قريباً جداً، من هنا، لا بدَّ أن تخطو إدارة خليّة الأزمة المعنية بهذا الموضوع، صحياً وإقتصادياً، الخطى اللازمة والمناسبة لحماية القطاعين من الإنهيار التام، وإيجاد الحلول التي من شأنها أنّ تخفف من وتيرة الأزمة والحدِّ من وطأتها.

وعن مدى صحة الإقفال التّام، لفت حمود أنَّ الإلتزام بالإجراءات الوقائيّة الموصى بها من قبل وزارة الصحة واعتماد الـ Social Distancing في الحياة العمليّة، بإمكانه الحدّ من سلبية قرار الإقفال وإعادة الفتح. وعلى خلفية الإقفال، وبغض النظر عن إستهتار البعض بالوباء، هناك بعض الفئات التي تضررت مصالحها بسبب الإقفال، وخاصةً ذوي المصالح الخاصة واليومية الذين يعتاشون من وراء دخلٍ يومي، وكذلك أصحاب المهن الحرّة. فإذا أمعنا النظر جيداً، نجدُّ أنَّ القطاعات الإنتاجية تضررت بشكل كبير بعد الإقفال وخاصةً السياحيّة منها حيث تكبدّت خسائر فادحة بأرقام مخيفة بعد تراجع مدخولهم بشكل كبير.

وتابع:”من الحلول المجديّة المتبقيّة لدينا لمكافحة هذه الأزمة، رسملة المصارف وإعادة هيكلية الحسابات لإنقاذها من Ponzi Scheme. وتقوم الأولى على الدمج بين المصارف القوية والضعيفة بواسطة البنك المركزي، أمّا الثانية فتتم من خلال إسترجاع الأموال من المستفيدين وإعادة جزء من أموال المودعين الصغيرة وتحقيق الإنصاف فيما بينهم، خاصةً بعد ان اعتمد المصرف المركزي آلية بونزي سكيم في نصب أموال المودعين. وقد جاء تصرف البنك المركزي مماثلاً لتصرف مادوف في العام ٢٠٠٨، حيث قام الأخير بإتباع ال Ponzi Scheme أي نصب وسرقة أموال المودعين، لحين ما تداركت الدولة الأميركية الأمر آنذاك وأعادت هيكلة الحسابات على أساس الإنصاف بين المودعين، حيث خفضّت الفوائد للمودعين المستفيدين وأعادت الودائع كما هي للعملاء الغير مستفيدين.

وتابع:” قد تكون الأمور بمنتهى البساطة ويمكن العمل بها، إذا كان هناك خطط إقتصاديّة دقيقة ومجديّة.

وفي سياقٍ موازٍ، نفى حمود وجود إحتياطي يبلغ ١٨ مليار دولار كما صرّح حاكم المصرف، مطالباً بالتدقيق الجنائي لجزم هذا الأمر والتأكد من صحة هذه الأرقام مشيراً إلى أنَّ الإحتياطي الموجود قد لا يتعدى المليار ونصف دولار. وتعقيباً على ما سبق، اعتبر أنَّ التضليل بحجم الإحتياطي وعرقلة عمل التدقيق الجنائي يقف عائقاً أمام عملية النهوض بالإقتصاد، لافتاً إلى أنَّ لبنان يملك ذهباً يعادل العشرين ملياراً، الأمر الذي من شأنه أن يساعد المصرف المركزي في حل عقدة جميع المودعين من ذوي الودائع الصغيرة وإعادة أموالهم المحجوزة.

وعليه، أكدَّ الباحث في العلاقات الدوليّة والإقتصاديّة أننا لسنا بحاجة لصندوق النقد الدوليّ أو حتى المؤتمرات والمعاهدات للنهوض بإقتصاد بلادنا ومحاربة الفساد، إذا كنا حقاً نملك هذه الأرقام من الدولار والذهب، إلى جانب الخطط الإقتصاديّة النموذجيّة. أمّا إذا كانت هذه الأرقام وهميّة، واستخدمت للتضليل والتغطية على الفساد وعمليات النهب التي تمت تحت الطاولة، عندئذٍ يصبح الدعم الدولي حاجة ملحة إلى جانب الصندوق النقدي وإستعادة الثقة و إبرام المعاهدات وعقد المؤتمرات الخارجيّة للنهوض بنا وإعادة النمو الإقتصادي بأسس ثابتة.

ليس هذا فحسب، فقد شرح الدكتور علي عن أهميّة العلاقة التي يجب أن تُبنى بي القطاع العام والقطاع الخاص في لبنان، الأمر الذي من شأنه إعادة بناء أسس القطاع العام المترّدي وحماية مصالح القطاع الخاص من الإنهيار.

وبشأن سعر الصرف في لبنان، حذّر حمّود من أننا سنصل لمرحلة لا نستطيع ردع إرتفاعه المستمر، خاصةً وأنَّه لا سقف له لأنه يعتمد على الواردات والصادرات النقديّة. فإذا بقيت كمية الدولار الصادر أكثر من الوارد ، فلا أمل في حد سقف سعر الصرف وسيواصل إرتفاعه.

أما عن الليرة اللبنانية، فهي مازالت تفقد قيمتها خاصةً بعد ان أصبحت ريرة في البنوك كما وصفها الدكتور علي، اي ان قيمتها في البنك منخفضة بنسبة ١٠٪؜ عن تللك الموجودة في السوق. وحالها حال الدولار الذي اختلفت قيمته أيضاً بنسبة ٦٥ ٪؜ بين البنك والسوق السوداء، والتلاعب مستمر دون رقيب أو حسيب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
google-site-verification: google3b1f217d5975dd49.html