أخبار الفن

الأديبة نور قزاز: موسوعة أنثوية من الثقافة تربط بين الواقع والخيال، وهمس الكمان جديدي القادم….

حوار: وسيم عليا

غزلت من الحروف نسيجًا مترابطًا ينساب لكل عقلِ قارئ، حاكت كلماتها ببراعة معتمدة على إحساسها المرهف، كتبت وتآلقت وصبرت واجتهدت ونالت، ضيفتنا تحدّت نفسها وأثبتت للجميع بأنها خير من يعطي الأدب دون مقابل، كتبت للواقع وللحياة من خلال أعمالها فكانت خير كاتبة حافظة للأدب ومتقنة للحروف عما يدور من أحداث، تعمقت بالكلمة وبالحرف وبإحساس عميق مكنها من تجسيد صورة حقيقية من خلال تلاعبها بالجمل والأفكار، حبها للأدب مكنها من ربط أفكارها فهي صاحبة خيال خصب ولهفة أدبية جعلت اسمها من بين الأدباء إنها
الأديبة نور قزاز.

1_هل لديكِ طقوس خاصة باالكتابة،
وهل تفضلين الواقع أم الحلم في كتابة نصوصك الابداعية ؟

_في الحقيقة أنا ذواقة للجمال بكل معانيه و تجلياته، لذلك أحب أن أكتب بقرب الزهور و الشموع والإستماع إلى موسيقى ناعمة بقربي أثناء القراءة و الكتابة
و يغريني صوت المطر و عطر الأرض المنبعث منها
بعد أن ترتوي به و تنتشي
ولكن الأهم من كل ذلك
هو وجود الكتب من حولي وفي محيطي القريب فقد يضفي ذلك طابعاً من الإلهام و يُضاعف بَث طاقات الفكر في المكان بالإضافة لإسعاف لبَناتِ أفكاري في التو والحين، في حال أردت البحث عن أمر ما أو معلومة أو التأكد من مصدر وربما اليوم قد أضيف الكمبيوتر و الهاتف الجوال على ما ذكرتُ آنِفاً
فقد أصبحا سوياً بمثابة حل جذري ومتطورلاغِنى عنه لأمورٍ كثيرة في حياتنا اليوميةوبدقة أكبر وسرعة توفر جهد وعناء البحث الحركي واستبداله بالبحث الالكتروني.
فالإنترنت يحوي في جعبته موسوعة لايستهان بها من المعلومات والكتب والمراجع التي لاتعد ولاتحصى وبالأخص محركي البحث غوغل و موزيلا، بالإضافة لموسوعة ويكيبيديا ومنصة تخزين الكتب والراوايات تيمبلر
ولاننسى مدونات بلوغر للتوثيق( والتي أمتلك عدة مدونات لرواياتي موثقةً فيها ).
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال فأنا أكتب حيثما يأتيني الإلهام
ربما في وسائل المواصلات العامة
أو في السرير قبل النوم أو في ساعات الإستيقاظ الأولى أو في الحديقة العامة أو تلك التي تحيطُ بمنزلي أو حتى في المطبخ أثناء قيامي بواجباتي المنزلية
كأي سيدة تستطيع الدمج بين الاستقلالية المهنية والفكرية والنجاح
وبين سيدة المُجتمع و مديرة المنزل والزوجة والأم وفي العديد من المرات استُلهِمتُ للكتابة وانا برفقة العائلة أو خلال تواجدي مع بعض الأصدقاء من خِلالِ موقِفٍ تعرضتُ له أو حَدَثَ أمامي
أو أثناء حضور فيلم قد أضافَ شيئاً لمخيلتي الابداعية وألهمني بفكرة ما، أنا أرى بِأنّ الواقع والخيال مرتبطان ببعضهما حد الزواج فلا يكتمل خيال بدون واقع ولا يكتمل واقع بدون خيال
و أنا أكتب عن الواقع مُستعينةً بِأحبارٍ من عالم الخيال والأفكار.

2_علمت بأنك تكتبين بأكثر من فن من الفنون الأدبية، وتكتبين المقالة أيضًا، ماذا تريدين أن تقولي من خلال مقالاتك؟

_هناك الكثير مما يمكن أن يقال في ظروفنا الراهنة
فنحن اليوم على أعتاب تغيير أيديولوجي عام
ونقلة نوعية كبيرة في الوعي الإنساني بالعموم
وفي مجتمعاتنا الشرقية بالخصوص، ولكن دافعي ومحركي الأول هو المحبة للإنسان أما رسالتي الأهم هي إعادة تفعيل تواصل الإنسان مع ذاته والتصالح مع دواخله
وخلق حالة صلح بينه وبين نفسه و بين الناس
و القيام بتحديث برمجي فكري ونفسي وديني شامل، كان قد فقدَ صلاحيتهُ وفعاليتهُ وتم استهلاكهُ عبثياً في هذا العصر عدا عن الحد من نموه المعرفي فسُرقَت سعادتهُ وتسبب ذلك بإعاقات نفسية وسيكولوجية دفينة
و ربما تطور الامر ليطال الأمراض الجسدية
فالانسان كتلة واحدة مترابطة من عقل ونفس وجسد وعليه الاهتمام بتغذية كل ما يَخدم نبوغهُ الفكري و المعرفي والنفسي والجسدي
لينمو بشكل سليم وسعيد ويتطور على أثر ذلك
على النحو السليم.

3 – هل أنتِ مع الحداثة في الأدب الحديث
وكيف تتعاملين مع النقد بما أن النقد الحديث يقوم على أسس جديدة؟

– طبعاً مع الحداثة والتطور الخلّاق، وإطلاق العِنان للحُرية الشخصيةِ للكاتب في التعبير والإبداع اللامحدود
ليتمكن من تقديم عمله الأدبي بالطريقة التي يُحبها أو يتقِنُها أو يراها مُلائمة لخطهِ الذي رسمهُ بدواخلهِ وتميّز فيه وباتَ كهوية شخصية يعبر فيها للعقول ويسكُنُ عَبرها كل وجدان دون وضع اي قيود لإبداعه من خلال أساليب الكتابة التقليدية أو التقوقع في ظُلُماتِ الفكر التقليدي اللامُنفَتِح واللامُتحرّر بل كسر القيود أمام مُخيلته التي تقود قلمه نحو الجموح و إبتكار الجديد وأن يعبُر بعفويته روح عصره الساكنة والراكدة على مضض
وبما قد يراه مناسباً، فالحداثة تساعد على تفجّر الطاقات الكامنة للكاتب وقد تولّد ثورة معرفية، وتدفُّق لينبوع أفكار جديدة وأشكال غير مألوفة مبتكرة بغض النظر إن كان ذلك سيعجب البعض، أويخيف البعض الآخر، فهذا الطوفان المعرفي يولد خصوبة لا مثيل لها ويطرح بذوراً هجينة في مجتمعاتٍ باتت عقيمة فكرياً وأدبياً، أما بخصوص نقد النصوص الأدبية فأنا أرحب بها شرط أن تكون بغية التصويب وتتضمن حلولاً و بدائل وليس فقط النقد لمجرد النقد والتقليل من قيمة المحتوى، لابل أنا أدعم النقد الموجه لما أكتبه من محتوى
وأتقبله بشغف وترقب
حين يتم ذلك على يد ناقد مستنير ينظر نظرة ثاقبة شمولية تكشف عن مزايا العمل الأدبي الدفينة
و تشير الى الخلل.

4 – كيف يمكن لنور قزاز أن تؤسس لعالم فني خارج حدود الوعي بالواقع، هل يمكنك ذلك؟

_من خلال الخيال
أو بالأحرى عن طريق المخيلة الخصبة
فهي جنة الإنسان على الأرض و من خلالها يستطيع العودة للماضي
و العبور للحاضر والمستقبل.

5 – إلى أي مدى يستطيع القاصّ أو الكاتب الروائي أن ينجح في نصوصه
طالما يبقى همه الأول محاصرًا باهتماماته اللغوية؟

_اللغة بحد ذاتها وسيلة
فإن طغت على أهمية المحتوى قد يفقد العمل الفني جوهر الهدف، وهناك عدة عوامل لنجاح العمل لا تقتصر أيٌ منها على جمال اللغة أو بلاغة الخِطاب فحسب.

6 – متى تلجأ نور قزاز إلى الصمت؟

_قد أصمُت بحضور من هم أكثر مني معرفةً
حباً وشغفاً بتلقي المزيد من أي قيمة مضافة وتوسيع آفاق مكتسباتي من المعرفة و العلم والمعلومات العامة
فأنا في حضرةِ العلم تلميذة ٌ حتى الممات
وقد ألجأ إلى الصمت في المقابل عندما أشعر أن الآخر لا يدرك مغزى كلماتي أو ليس هناك تبادل وتكافؤ الفكرة المشتركة
أوحين يحاول أحدهم أن يستهين بما أقول أو أكتب و دون تواجد بيئة خصبة للحوار البنّاء فالصمت في مثل هكذا وقت وفي مثل هكذا ظروف قد تكون له أهمية كبيرة لا تقل عن أهمية الكلام ومهما كانت لهفتي للكلام فقد علمتني الحياة أن لا أرمي بجواهري في أراضٍ بور.

7 – كيف تنظرين إلى المشهد الثقافي في الوطن العربي تحت ظل هذه الظروف التي نعيشها جميعاً؟

_أنظر إليه بظاهره وتفاصيله العامة
فوضى عارمة وانحدار يعقبهُ إنحدارولكنها بنظري قد تكون فوضى خلّاقة قابِلة للإستثمار وقد تُثمرِ
فهي كحالة صحية تنشُط بعد سُبات طويل الأمد
وقد تؤسس لإعادة إعمار فكري وحضاري واجتماعي متنوع الأطُر، كما أن تراكمات الموروث قد أثرت على مجتمعاتنا العربية من حيث تلقي أي جديد والإكتفاء بالموجود
وألغت عمالة العقول
و هذا ماقد يوصل الانسان الى مرحلة من الضياع والتوهان المُتشعّب واللامنتهي وقد لايترك ذلك أمامه حلولاً كثيرة
فإما الاستسلام والانحدار إلى أسفل مراتب سلم الهرم الانساني و إما السعي والاجتهاد للتنور والتطور والعمل على إكتشاف وتطوير مخزونه الدفين من المهارات والأفكار الإبداعية الخلّاقة
و المساهمة في إعادة البناء من جديد بهيكلية تواكب التطور الحالي
ليكون في مصافّ المراتب العليا والحفاظ على الإستمرارية في فعل ذلك بشكل متواتر و مستدام.

8 – عندما تفكرين في الكتابة، هل تقودك اللغة نحو المتخيل أم تجعلين اللغة في خدمة المتخيل؟

_أنا أعود وأؤكد بأن اللغة وسيلة و المتخيل و المحتوى أياً يكن مضمونه بأبعاده اللامحدودة فهو الأساس، أنا مثلاً ككاتبة
أقدم أفكاراً وأطرح حلولاً ذات بُعد إنساني في المقام الأول وقلمي مرآة للواقع
يتمحور حول مشاعر الناس المختلفة من حب وغيرة وحيرة وحزن وخذلان و تساؤلات ومخاوِف وإستهجان ودهشة وأحاول أن أترجم كل المشاعر التي تختلج بصدر الانسان إلى مادة مقروءة ومستساغة ومحببة ومقنعة.
الفن برأيي لايحتاج للكثير من التعقيد ليصل لقلب القارئ، الفن الحقيقي هو أن توصل ما تريد إيصاله للطرف المقابل من خلال حرارة الكلمة وعمق الشعور وصدق الأحاسيس، وهذا يأتي من الصدق مع الذات أولاً وينبع من تدريب النفس على قوة الاحساس بالآخر والجرأة والشجاعة على إخراجها من باطنه إلى النور ولا مانع من السعي المستمر لتقديم المحتوى بأناقة وترتيب وفرادة أو نظمها كمصفوفة كلمات جميلة
تطرب المتلقي وتُضيف عُمقاً لِعُمق المعنى.

9 – ماجديدك وآخر تحضيراتك في الأيام القادمة؟

_هناك عدة مشاريع
تصول وتجول في مخيلتي ومنها مابات قيد الإنجاز، عدا عن إطلاقي مؤخراً كتاب سطور مقدسية ودمشقية بالتعاون و المشاركة الأدبيةمع الصديقة الكاتبة سلوى الطريفي وبرعاية دار ببلومانيا للطباعة والنشركتتمة لجهد وعمل سابق تضمن ثلاث روايات سابقة تحت عنوان :
1- في دهاليز الفيسبوك.
2- ثنائي الركن.
3- ليليا( رحلة البحث عن الذات ).
والتي أعتقد جازمةً بأنها أضافت الكثير لسيرتي الذاتية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، ولكنني اليوم بصدد خوض تجربة من نوع آخر قد يمنح لوحاتي الأدبية اللمسات التي تُتمّم المشهد وتمنحهُ الألق و تساهم في وصوله الإستراتيجي لجميع الفئات العمرية والفكرية
فأنا بدأت التفكير الجدي في دمج قلمي بعالم السيناريو النوعي والإنتقائي، لأن الناس اليوم يهتمون بالتلقي عبر الدراما أكثر من القراءة
وعلى الكاتب اليوم أن يسعى لطريقة إبداعية تجعل صوت أفكاره يصل أسرع إلى الناس وبالوسائل التي يراها مجدية و أقرب لقلوبهم لتنال قبولاً وصدى لديهم.
سجلت سابقاً في دورات إحترافية لتعلم كتابة السيناريو أونلاين في دمشق واستفدت منها كثيرًا وهنا أرجو أن تسمح لي بتمرير شكر وإمتنان لفريق عمل معهد دراما أكاديمي على جهوده المبذولة وحرفيته العالية
وإتاحته الفرصة للبعض وأنا منهم في تعلُّم خبايا و مواهب كتابة السيناريو
رغم صعوباتها على البعض
فكتابة السيناريو تختلف جذرياً عن كتابة الرواية بتفاصيلها وسرد الأحداث
ولكن ببعض الجهد يصبح العمل إبداعي متكامل في حال وجود موهبة سابقة في الكتابة فمن لا يملك الموهبة لن يستطيع الصمود والابداع في عالم السيناريو ومن يملك بالمقابل موهبة الكتابة
دون خبرات واقعية وتجارب على الأرض في كتابة السيناريو والغوص فيه أيضاً لن يصمد.
كل مجال وله أساسات يبنى عليها فإن كان الأساس هشّاً لن يكتمل العمل وسينهار عاجلاً أم آجلاً و طبعاً هذا لا يعني أن أتخلى عن كتابة الرواية
فالرواية هي النبض الأقرب إلى أعماقي الدفينة
و هي مرآة روحي التي أرى فيها ما أريد كيفما أريد ومتى أشاء
دون قيود أو عوائق تحدّ من إندفاعي وضياعي في سراديبها والآن أنا على أعتاب إطلاق رواية جديدة لتُضاف إلى سيرتي و لتأخذ مكانها في عالم الروايات المطبوعة
وقد أعتبر هذا تصريح حصري لموقعكم بما أنني أضع اللمسات الأخيرة عليها وهي بعنوان “همس الكمان “.

10 – كلمة أخيرة لموقعنا.

_كل الشكر لموقعكم المميز لأنه أتاح لي أن أتواصل مع القراء دون حواجز أو تكلّف
فالمواقع الإعلانية الالكترونية اليوم تشكل مصدراً هاماً وفارقاً ذو قيمة لايستهان فيهاأو لنصيغها بعبارات موجزة وهادفة، مواقع التواصل الإجتماعي والمنصات الإلكترونية بكافة أنواعها وعلى إختلافها هي الوسيلة الأهم للتواصل مع العالم اليوم بلا أي منازع، شكراً لكم على هذا الحوار الغني والشيق وأرجو لكم التميز والنجاح الدائم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
google-site-verification: google3b1f217d5975dd49.html